السؤال:
أريد حلولًا لمن تعيش في وسط غير مستقيم، وهي مستقيمة، كيف تثبت؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: نسأل الله العظيم لكِ الثبات على دينه وأن يصلح من حولك من أهلك وأن يجمعكم على طاعة الله عز وجل، فإن الهداية والاستقامة على دين الله من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عبده، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، وقال تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: من الآية 7]. روى الإمام أحمد والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا وموقوفًا، والصحيح الموقوف. أنه قال: «إن الله يُعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من أحب». وقال الإمام أحمد: حاجة الناس إلى الإيمان أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب. وقاله شيخ الإسلام ابن تيمية. إذا علمتِ ذلك فاحمدي الله على هذه النعمة العظيمة التي تتقلبين فيها واسألي الله الثبات على ذلك مع فعل أسباب الثبات خاصة من يعيش في محيط غير مستقيم وملتزم بطاعة الله، فإنه يواجه صعوبات وأخطار يحتاج إلى مجاهدتها ومدافعتها وسأذكر لكِ- إن شاء الله- بعض أسباب الثبات:
أولًا: الدعاء والإلحاح على الله عز وجل بالثبات فأفضل الخلق صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قوله: «يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك» رواه الإمام أحمد من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: كان يكثر في دعائه اللهم يا مقلب.... الحديث. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يسأل الله الهدى والسداد كما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه. فاسألي الله عز وجل الثبات وأكثري من ذلك.
ثانيًا: الإكثار من الأعمال الصالحة فإن فعل الطاعات من أعظم أسباب الثبات على الطاعة قال عروة بن الزبير: الحسنة تقول: أختي أختي، والسيئة تقول: أختي أختي. وقال النووي: من علامات قبول العمل الحسنة بعدها أي الحسنة بعد الحسنة. ومن لم ينشغل بالطاعة أشغلته نفسه بالمعصية.
ثالثًا: الانشغال بطلب العلم الشرعي فكلما ازداد العبد علمًا ازداد ثباتًا على دين الله عز وجل. قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: من الآية 28]. وكلما كان العبد بالله أعرف كان له أقرب.
رابعًا: الانشغال بالدعوة إلى الله فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين فعليكِ بدعوة أهل بيتك وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليمهم بالكتيبات والأشرطة النافعة فإن النفس إذا لم تَدْعُ دُعيت والدعوة إلى الله تقوي الإيمان في القلب.
خامسًا: تذكري مآل الخلق بعد هذه الحياة كالموت وحياة القبور وما يكون في الآخرة من أهوال ثم مآل الناس إلى الجنة والنار فإن العبد إذا استشعر أنه سيموت ثم يُسأل في قبره ويحاسب يوم القيامة عن أعماله وأقواله جعلت العبد يُحاسب نفسه ويسابق الخيرات التي هي سبب في دخول الجنة.
سادسًا: معرفة حقيقة الدنيا فإن الدنيا فانية حقيرة قلل الله قدرها وحقر شأنها فروى الترمذي عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو كانت الدنيا عند الله تعدل جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء» وفي إسناده عبد الحميد بن سليمان الخزاعي وفيه ضعف وتابعه زكريا بن منظور. ورواه مسلم في صحيحه عن مستورد بن شداد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ما الدنيا في الآخرة إلا كرجل أدخل إصبعه في اليم فلينظر بما يرجع». وأيضًا ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر على ميتة فقال: «فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم». فإذا عرفتِ أن الدنيا زائفة وزائلة وأن الآخرة باقية حتمًا سنؤْثِر الباقي على الفاني.
سابعًا: الصحبة الصالحة من الأخوات والقريبات الصالحات فقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه مع الصحبة الصالحة، قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ...} الآية [الكهف: من الآية 28]. وشبه الرسول صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك وكذلك الصاحبة الصالحة هي كحاملة المسك، وحيث إنه يُذكركِ إذا نسيتِ ويعلمكِ إذا جهلتِ ويعينكِ إذا ذكرتِ. وأسباب الثبات أكثر مما ذكرنا، والعبد إذا رأى ما يُعينه على طاعة الله فعله وحافظ عليه، وختامًا نسأل الله لنا ولكِ الثبات على دينه حتى نلقاه.
الكاتب: خالد الفليج.
المصدر: موقع المسلم.